jeudi 23 novembre 2006

أزمة خطبة الجمعة

الكاتب: د خالص جلبي
كل يوم جمعة يجتمع المؤمنون للصلاة وسماع الخطبة. ويستنفر نصف جيش من المخابرات لتسجيل الكلام ورفع التقارير، فلعل فيروساً خطيراً مر من أقنية الكلام. وكل يوم جمعة ترتج إسرائيل وحكومات العالم الإسلامي خوفا من اندلاع المظاهرات بعد كل صلاة. وهكذا تحول اجتماع يوم الجمعة إلى زلزال اجتماعي متكرر للمعارضة والتعبير تحبس إسرائيل والأنظمة الشمولية أنفاسها مع كل دورة له حتى ينجلي الخطر.وفي معظم الأحيان يكتشف الجمهور أن صوته مصادر في هذا الاجتماع لحساب وعاظ السلاطين. فمنذ أيام يزيد بن معاوية يصعد كل يوم جمعة نفس الخطيب ويكرر نفس الديباجة. ويعيد نفس الدعاء للسلطان بالحفظ والصون. ويتلقى الموجة جمهور أخرس أتقن الصمت بختم على الفم أكبر من ختم الحبل السري على البطن، ليسمع حديث واعظ في قضايا لا تستحق الاجتماع، فلا يزيد الحديث فيها عن فواكه الجنة في الوقت الذي لا يجد فيه المواطن رزق عياله، وعن الآخرة في الوقت الذي يحتضر فيه المواطن كل يوم مرتين. وعن فرعون ذي الأوتاد في الوقت الذي طغى فيه الحاكم في البلاد فأكثر فيها الفساد.ورُوِي لي من بلد عربي أن خطب الجمعة تكتب بيد موظف وصي على عقول الناس وترسل بالفاكس إلى خطباء كل المساجد كي يقرأوا خطبة واحدة موحدة مؤممة، فهذا أريح لوجع الدماغ.وفي مدينة مونتريال في كندا حضرت خطبة وصلاة الجمعة فظننت نفسي في مسجد الأتراك في حي قاسيون في دمشق. فلم يزد الحديث عن مواعظ عثمانية وأدعية عدوانية بأن يدمر الله الكافرين جميعا وعائلاتهم. في الوقت الذي منح فيه الكنديون المسلمين الجنسية ومعها الرزق الوفير والدراسة المجانية والأمان من جَلْد المخابرات وتقارير الشرطة السرية، وهو يؤكد ان مرض الأمة ثقافي. وهنا انتقل الواعظ بدون السلطان من الشرق إلى الغرب ومعه كل الثقافة المحنطة الميتة.وفي مكان ما حضرت خطبة في مسجد، فحول الخطيب الخطبة إلى مناسبة فقهية في الاستنجاء والاستبراء بالحجارة مع أن الناس لم تعد تستخدم الحجارة في دورات المياه منذ أيام الاستعمار الفرنسي.وفي بلدتي التي عشت فيها طفولتي كان الامام يخطب من كتاب ابن أبي نباتة من أيام السلطان قلاوون. وهناك 52 خطبة على مدار السنة وحسب المواسم. وكنا صياماً فتحدث عن الحج، ثم انتبه إلى أنه بدل المواسم فبدأ يقلب على عجل عن الخطبة المناسبة بعد ان ضل طريقه إليها، ولم ينتبه الجمهور لما حدث لأنه لا يسمع شيئاً. فقد اعتاد الحضور منذ عشرين سنة واعتاد النوم عشرين سنة ولم يفقه عشرين كلمة وكانت نكتة ولكن لم يضحك أحد.وفي بلد عربي كان الخطيب يدعو بحرقة على طوائف لا نهاية لها بالتدمير الكامل وتيتيم الأطفال وترميل النساء وان يريه عجائب خلق اللّه فيهم. وكان أكثر حماسه عند الدعاء على العلمانيين ان يقتلوا عددا ويهلكوا بددا ولا يبق منهم أحدا. كرّر ذلك ثلاث مرات وصوته مختنق بالبكاء والجمهور يؤمن على المذبحة الجماعية والمستمع مرتاع بين التأمين والاستنكار.وفي القاهرة وأمام أحد المساجد كانت الاشرطة السمعية تباع بالعشرات لواعظ يعلو صوته هدير محرك نفاث، يعتمد فرقعة الحنجرة أكثر من الألعاب النارية في العيد. يصغي له الجمهور بخشوع تقشعر منه الجلود. ومما لفت نظري روايته عن فاطمة الزهراء (رضي الله عنها) انه لم يأتها الطمث قط فاعتبرها معجزة. وكان الجمهور المخدر يصيح اللّه أكبر. ونحن نعرف في الطب ان الدورة الشهرية عند المرأة طبيعية وصحية، ولها قانونها الذي يسري على جميع بنات حواء، وهو ما كان رسول الرحمة ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعلمه للمؤمنات كل يوم. ولا تؤدي زيادة أيامها أو انقطاعها إلى معجزة، بل قد تكون مؤشراً على مرض مثل فقر الدم. ولكن الدجل يمكن ان يحارب الإسلام بإسلام مزيف، كما في تبديل الدواء إلى سم بقلب جذر الهيدركسيل في المركب الكيمياوي بدون تغيير في وزنه الذري.إنه عهد اغتيال العقل الجماعي المنظم بدون مشانق وفرق إعدام. هذه الأمثلة تعني أن خطبة الجمعة مصادرة لثلاثة اتجاهات: الأنظمة التي يتلوها واعظ السلطان. وتيار المتشددين يتلو فيها الخطبة من يشن الحروب من فوق المنبر في خطاب عدواني. وتيار تقليدي ما زال يعيش أيام السلطان العباسي يعقوب أبو الصبر المستمسك باللّه متجمداً في مربع الزمن عام 1498.وبين هذه الاتجاهات الثلاثة، توجد أصوات نشاز هنا وهناك ولكنها لا تزيد عن شراع صغير لسفينة تحطمت فيها كل الصواري وتلعب بها الرياح، وهي تحاصر بسرعة وتعزل بأشد من مريض الإيدز.أو ان تكون خارج مرمى الاتجاهات الثلاثة كما حدث معي حين سمعت خطبة الجمعة في المعهد العالمي للفكر الإسلامي في فيرجينيا بأمريكا ففوجئت بتناوله موضوع «خرافة الدولة». وان أكبر ورطة للمسلمين هو ضغط نفسهم في علبة دولة كما هو الحال في خرافة دولة باكستان وخسارة كل هندستان. مما يذكر بقصة خفي حنين، فخسر الجمل ورجع بنصف حذاء.والسؤال كيف الخروج من يد فرعون ومن سيشق البحر بعصاه فينفلق بين جبلي المتشددين والاستخبارات فكان كل فرق كالطود العظيم؟جرب البعض حظهم في ثلاث طرق: (1) إما بإلغاء صلاة الجمعة كلية بانتظار الامام الغائب كما فعلت الشيعة حتى أحياها الامام الطالقاني من جديد بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران. ولكن الشيعة خيل إليهم انهم اكتشفوا الحل فلم يتقدموا بالحل إلا إلى إلغاء الحل. واليوم يجتمع كل الناس في طهران ليستمعوا لوناً واحداً من الخطبة في الوقت الذي يأكلون فيه على موائدهم من كل صنف زوجان. أما عقولهم فلا يسمح لها إلا بنظام الطعام الاشتراكي صنف واحد فقط من الطعام. وبذلك دخل الشيعة الأزمة في الوقت الذي ظنوا فيه انهم تحرروا منها. واليوم في طهران تصادر كل الآراء لحساب رأي واحد، فلا ينطق من أعلى المنبر إلا جماعة السلطان وبيدهم السلاح.وإما (2) بمحاولة مزاحمة واعظ السلطان بالتحدث مباشرة إلى جمهور مخدر بعد الصلاة عسى ان يفيق. ولكنها محاولة مكتوب عليها الفشل ثلاث مرات: باعتراض واعظ السلطان وجاهزية رجال المباحث وجمهور مشلول بالرعب ليس عنده استعداد ان يسمع فقد يحاسب بشراسة على ما سمع فلم يبلغ عنه.وإما (3) بمحاولة التسلل تحت عباءة السلطان لتسريب بعض الأفكار الحيوية إلى حين اكتشاف أمره من عيون الأمن الساهرة أكثر من عيون القطط ليكتشفوا ان هناك من دخل على سيمفونية الشخير العام فيعزل مثل البعير المعبد.وهناك حل لهذا الاشكال ولكنه مثل من يلقي بنفسه في شلالات نياغارا فلا يتبلل. أو يزور الاسكيمو فلا يشعر بالبرد. والاقتراح باختصار ان يعتلي المنبر كل مرة واعظ مختلف من تيار مختلف، بمن فيهم وعاظ السلاطين. فليتحدث كل امرئ بما في جعبته لجمهور متعطش لأن يسمع الجديد والمفيد. وأنت تقول وأنا أقول وللناس عقول. فلا يسمع المواطن المعتقل كل يوم جمعة نفس الكلام الممل. «وفي ذلك فليتنافس المتنافسون». ولكن هذا يعني انقلاباً اجتماعياً نبتعد عنه مسافة سنة ضوئية.ولكن لا بد منه أمام الشرخ الكوني، فقد آن الأوان لثلاثة أمور: (1) تعددية الخطباء وصولاً لتعددية الآراء ورفع الرقابة عنها. وتحريرها من قبضة وعاظ السلاطين وتعصب المتشددين. (2) اعتماد أدعية الرحمة والمغفرة وتفاهم الناس أكثر من قتالهم وتدمير العالم. (3) التغيير الكلي لمضمون الخطاب وجعله إنسانياً يعيش العصر بما يمكن التحدث به في أي منبر بما يسمح بتناقله في المحطات الفضائية لمئات الملايين من المسلمين المتعطشين للمعرفة والوعي، والانصات له من غير المسلمين فيحدث لهم كما حدث للجن حينما سمعوا القرآن فقالوا «إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا».Kjalabi@hotmail.com

3 commentaires:

Unknown a dit…

c bien

pofpof a dit…

Pardon pour ce ratard,
tu as dit c bien ,je suis d'accord avec toi mais j'aurai bien aimé que tu développe plus les base sur les quelles tu as construis ton jugement

мσнη∂ιš a dit…

baghi twli bloggeur ??!!!!
hé hé hé hé hé

kamira khafia