mercredi 27 décembre 2006
chanson ssendu
très très beau discour et très très belle chanson, chanttée par Idir dans une ville de la région parisienne.
mardi 5 décembre 2006
dimanche 3 décembre 2006
إصلاح الخطاب الإسلامي
ليست مهمة إصلاح الخطاب الاسلامي بالمهمة السهلة كما يبدو للوهلة الأولي، لأنه لا إصلاح للخطاب إلا بعد إصلاح للفهم الذي ينبثق عنه هذا الخطاب، وهكذا نجد أن القضية الحقيقية التي تجابهنا هي قضية حسن فهم الدين، وليست هي بالقضية الهينة، وقد دعونا إليها في كتابنا "ديمقراطية جديدة" الذي صدر سنة 1946م ولا نزال ننادي بها بعد ستين سنة بالتمام والكمال وإذا كان قد حدث تغيير من سنة 1946م إلي الآن فهو تغيير للأسوأ.
ولإظهار الصعوبة نقول إن الفهم السائد للإسلام هو الفهم السلفي، أي ما وضعه الائمة في التفسير والحديث والفقه في القرنين الثالث والرابع من الهجرة أي من أكثر من ألف عام، ولا جدال في أن احكامًا تصدر من ألف عام وتتعلق بشئون الحياة الدنيا لا يمكن أن تستوعب مشكلات العصر الحديث، فالزمن يعني التاريخ ونظم الحكم ويعني اختلاط الأجناس وتداخل الثقافات، ويعني النظام الاجتماعي والفنون، ويعني اختلاف نظم الانتاج والعمل، ويعني التقدم من الكتاب المنسوخ باليد إلي المطبعة والإذاعة والقنوات الفضائية والسماوات المفتوحة، ويعني الانتقال من الحمير والبغال إلي السيارات والسكك الحديدية والطائرات، ويعني تقدم العلم وتضاعف المعرفة وتوالي الاكتشافات والاختراعات، كل هذا يسر ويتراكم ويحمل معه التغيير في "الفهم" ففهم نص في السنوات الخوالي لا يمكن أن يكون هو فهم النص في القرن الحادي والعشرين.
بالاضافة فإن الفكر الاسلامي عاش في ظل حكم مغلق استبدادي لا يعرف المؤسسات ولا آليات العمل العام، وبعد بداية باهرة استمرت لثلاثين سنة هي حكم الرسول وأبي بكر وعمر بن الخطاب بدأ الهرج وأخذ نصف المسلمين يضرب عناق النصف الآخر، وحدثت أسوأ الفظائع من غزو المدينة، وضرب الكعبة بالمنجنيق، ومجزرة كربلاء.. إلخ.
وفي سنة 40 هـ حول معاوية بين أبي سفيان الخلافة الاسلامية إلي ملك عضوض، ومن هذا التاريخ والحكم الإسلامي الذي أطلق عليه خلافة هو أبعد ما يكون عن الخلافة، هو حكم ملكي وراثي مستبد ككل النظم التي سادت العالم القديم وظلت هكذا حتي ألغاها مصطفي كمال أتاتورك.
ومن الظواهر المثيرة للدهشة أن الحكم الاسلامي بتأثير سماحة وبساطة الإسلام أن الحكام لم يضيقوا بنوع من الحرية في العقائد وخضع المجتمع الاسلامي في العصر العباسي لموجات متتالية من المؤثرات الفكرية - خاصة بعد ترجمة كتابات اليونان - واستطاع الهنود والفارسيون والروم البيزنطيون الذين أسلموا وحملوا في أعماق نفوسهم وراءه حضارات مختلفة أن يدسوا في الاسلام مفاهيم متعددة عنه، أما محاولات اليهود فقد بدأت من أيام الرسول وواصلت البقاء، وفي القرن الرابع قال إخوان الصفا أن الشريعة قد لوثتها الضلالات ولا يغسلها إلا الفلسفة اليونانية، فهل يمكن لأي غزو فكري أن يجاوز ذلك.
ولكن الحكام الذين جعلوا العقيدة "مكلمة" فلسفية يدلي فيها كل واحد بدلوه كانوا غيورين بحكم سلطاتهم حريصين علي طاعة شعوبهم، ولما بدت من الائمة الأربعة أحمد بن حنبل ومالك والشافعي وأبي حنيفة - بادرة تحرر - لم يترددوا في التنكيل بهم.
آل كل هذا التراث إلي الأزهر فتعلمه شيوخه أطفالاً وهم يعلمونه كبارًا ولا يعرفون شيئًا آخر سواه فإذا قيل الاجتهاد قالوا هل عرفت أحكام النحو العربية؟ هل علمت الناسخ والمنسوخ؟ وأسباب النزول؟ هل تميز بين الخاص والعام؟، وهذا في حقيقة الحال لا يعدو سقط المتاع ولا يؤدي إلي تفسير اليسير وتعقيد البسيط والانحراف بالبداهة والفطرة عن أصلهما.
ولا يفيد في شئ "تنقية التراث" لأن التراث يشبه جبلاً في عمقه عرق ذهب ولابد للوصول إليه من هدم الجبل وما يتطلبه هذا من المال والوقت والجهد، وأسوأ من هذا اننا نشتري بهذا الثمن الفادح "التقليد" ونضحي بإعمال الفكر، ونفضل أن نكون قرودًا تقلد عن أن نكون أناسا تفكر.. فما أسوأها صفقة.
لا يكفي التخلص من الفهم السلفي القديم، ولكن لابد أيضا أن تكون لدينا رؤية للإسلام تثبت أن الاسلام استهدف الإنسان وأراد اخراج الناس من الظلمات إلي النور وأن يضع عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم، وانه كما قال ربعي بن عامر للقائد الفارسي رستم "أن الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلي عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلي سعتها ومن جور الأديان إلي عدل الإسلام".
إن حقوق الانسان ليست اكتشافًا أمريكيًا فقد كانت هي المضمون العملي للإسلام، وقد قامت أروع تجربة لمجتمع إنساني في تاريخ البشرية في حكم الرسول وأبي بكر وعمر للمدينة، حيث وجد مجتمع يقود علي المساواة والعدل، ولا يعرف السجون، وليس فيه بوليس، ولا يفرض الضرائب الباهظة بل يأخذ من الغني ليعطي الفقير ويخضع الجميع لحكم القانون وأولهم الرسول والحلفاء.
هذه بضاعة لا تنفق في سوق الأزهر ولا يمكن لشيوخه تفهمها وإساغتها فضلاً عن الدعوة إليها.. وإنما يمكن ذلك لأحرار الفكر الاسلامي الذين يؤمنون بالاسلام لأنهم يرون فيه دعوة للقيم الانسانية من حرية ومساواة وعدل ومعرفة.
وإني لأعجب أشد العجب من تقاعس هيئات المجتمع المدني عن الدخول في هذا الميدان، في حين انه هو الذي يجعل الايمان بالقيم الانسانية تقوم علي القيم الدينية التي يؤمن بها الشعب ويحلها في أعماق قلبه، وكل جهد لهذه المنظمات دون أن يتحقق هذا فلا يصل إلي ضمير الفرد ولمن يدخل قلبه ووجدانه فإذا لم تكن لديهم الخبرة الدينية فعليهم أن يتصلوا بأحرار الفكر الاسلامي وأن ينظموا لهم دورات يمكن أن يتحدثوا فيها ويشرحوا حقيقة الإسلام.
لقد قضينا عشر سنوات في أمانة مركز ابن خلدون قبل أن يؤمن بالفكرة ويضعها كأحد المحاور الثلاثة لعمله وهي "أ" التنمية، "ب" الديمقراطية، "جـ" الإصلاح الديني.
وأذكر أن الجمعية الانجيلية بالقاهرة قامت بعدد من الدورات بتعميق معني المواطنة ما بين رجال الدين مسلمين ومسيحيين، وجمعت ما بين عدد من أحرار الفكر وعدد آخر من القسس وعدد ثالث من الشيوخ، وكانت تجربة من أنجح التجارب.
فلماذا يتقاعس المركز القومي لحقوق الإنسان وليده من الاختصاص ما ليس لدي غيره ونحن نعلم أن هذا الموضوع أحد محاوره الرئيسية، ونأمل ألا تعوق البيروقراطيات مضيا ولماذا تتجاهل منظمات المجتمع المدني هذا الواجب المقدس وهو السبيل الوحيد لإيمان المواطن العادي بما يدعون إليه.
vendredi 1 décembre 2006
الحجاب بين الهوس الجنسي والمكبوت السياسي والابتزاز النفطي
إذا كان الحجاب رمزا لشيء ما، فبالقطع ليس الدين. فإذا افترضنا أن هناك ارتباط شرطي بين الدين وبين الأخلاق فان السلوك الإنساني القويم لا يمكن ربطه بالضرورة بالحجاب لان هناك الكثيرات من غير المحجبات، متدينات أو غير متدينات، لهن من الفضائل وحسن السلوك ما يفوق كثيرات من المحجبات. وسوف يكون الأمر أكثر قسوة علي المدافعين عن الحجاب لان كثيرات من المختلفين في الدين خارج وداخل الوطن لا يقل عطائهم، بل ربما يزيد، عمن شاركن فيه من المحجبات. وليس العكس صحيحا بالضرورة. فكثير من المحجبات يلتزمن بسلوك راق وفضائل أخلاقية ليس لأنهن مرتديات الحجاب بل لان الضمير الإنساني العام والذي تشاركهن فيه أيضا الغير محجبات يلزمهن جميعا بفضائل الخلق.
ما سبق سيدفعنا إلي الاستنتاج العام بان الزى أيا كان نوعه لا يحقن، داخل النفس البشرية تلقائيا وبمجرد لبسه، مكارم الخلق أو حسنيات السلوك. وإلا لكان هناك أشياء أخري تخص الرجال نسيت الأديان أن تذكرنا أين هي ، وخاصة للمسلمين الذين يرفض التخلف مغادرة عالمهم، لإرشادهم إليها للتخلص من هزائمهم المتكررة وتخلفهم المزمن والمعاندة ضد دروس من الممكن الاستفادة منها. فرغم أن التكرار يعلم البشر وغير البشر كيفية التغلب علي المصاعب بالتجريب صوابا مرة وبالخطأ مرة، إلا أن كوارث المسلمين من الرجال الحريصين علي أداء الفروض والإضافات النسكية بإفراط، والنساء بالحجاب، تتكرر بلا انقطاع.
أما إذا اعتبرنا أن الحجاب هو منافسة في التمظهر ومحاولة الظهور بشكل متدين فان هذا الشكل لا ينطلي إلا علي الناس البسطاء فكرا وثقافة ناهيك عن الدارسين لعلوم السلوك والاجتماع والنفس ممن لا يمكن خداعهم. وعليه فهو لن ينطلي علي الله بالقطع، لأنه لا ينظر إلي أشكالهم إنما إلي أفعالهم وما أضافوه للأداء العام في المجتمع. فإذا كان الشكل بقادر علي خداع البعض فان الله لا يمكن خداعه. كما انه لا يحب من يتملقه ويزايد عليه أو من يداهن علي حساب حرية الإنسان كحق ممنوح له من ذات الجلالة.
فالعمل العام وجوده الأداء الذي له مردود حقيقي في تعظيم ثروة البشر في كل مناحيها من فكر وعائد مالي وثقافة وتقدم وامن لا يمكن لأي عاقل أن يعتقد أن كل تلك المكاسب مرهونه بزي ما أو سلوك ديني مفرط في الأداء كصلاة وصوم وحج ... الخ. وإلا فكيف يمكن تفسير كل هذا التقدم للبشر شرقا وغربا بدون أن يمارسوا طقسا إسلاميا واحدا بل وكثيرين منهم لا يعرفون شيئا عن الله وأنبياؤه وتلك الكتب السماوية الثلاث والتي يدين بها كثير من سكان أهل الشرق الأوسط الموبوء ومنطقة الحضارات القديمة حيث ولدت تلك الديانات وما سبقها من أصول وجذور نجدها واضحة دون لبس منذ اليهودية وحتى الإسلام.
تتوزع الأديان في العالم بنسب متفاوتة طبقا لبعدها الجغرافي عن منطقتنا المتخلفة ، فبحسب إحصاء للأمم المتحدة للعام 2002 فهناك 33 % مسيحيين بتعدد فرقهم والمسلمون 22% والهندوسية تحتل نسبة 15% والبوذية 6% وهناك 14% من اللادينيين أما العشرة الباقية فهي تقاليد قديمة موروثة.
لكن إذا رسمت خريطة الإنتاج من عوائد العمل والإبداع والقدرة علي بناء أشكال وأنماط اجتماعية ومؤسسات مدنية بتشريعات راقية وحضارية، ليست من الدين في شئ، فان المسلمين بصلواتهم وحجابهم وصومهم وحجهم سيكونون في ذيل القائمة. أما عن خريطة التعليم الجامعي وتولد الأفكار والإبداع الفني فان المسلمين قطعا خارج المسابقة. فتفوق المسلمين الوحيد في الإنجاب المتتالي بلا ضوابط لكنهم لا يملكون ذات القدرات الاخري مما جعلهم في ذيل أي تعداد أو خارج قائمته. لهذا فان بعض من قادة الإسلام السياسي الغير مهتمين بالكيف إنما بالكم العددي صرح ومعه آخرون أن تعداد المسلمين في فرنسا في العام 2050 سيجعل الإسلام دين الأكثرية مفترضا أن هؤلاء الفرنسيون سذجا إلي حد إلغاء وجودهم بكل ثرائه الحضاري لمجرد الاستضافة التي تفرضها بعض الشروط الاقتصادية كسعر العمل المتدني عند العرب والمسلمين، أو لجوئهم لفضاءات سياسية ودينية وأخلاقية واقتصادية لا مثيل لها في بلاد المسلمين حيث أتوا منها وهاربين من جحيمها.
فكل تلك الدعاية السياسية ضد الغرب وأوروبا بأنها بلاد انحلال وتفسخ وعري وتبرج وليست آمنه وبها مفاسد إنسانية تدحضها صفحات الحوادث بنفس الصحف المحلية عندما نقرأ أن الشباب المسلم الذي فشل خطاب الدعاية المحلي في ضبط بوصله عقله للتوجه إلي قبلة الكراهية فان ذات الصحف تنشر أخبار هروبه متخفيا للجوء إلي تلك البلاد بعد أن يبذل الرخيص والغالي أو حصيلة مدخراته للوصول إلي الشواطئ الأوروبية أملا في حياه كريمة، ومستخدما أساليب ووسائل غير إنسانية، تعوَّد عليها في بلاده، كالانحشار في حاويات أو الهروب في قعر السفن المتهالكة بدون أي ضمانات أمنية لا في الرحلة أو في مرفأ الوصول ناهيك عن الأمن المفقود في بلاد الطرد.
فهل كانت لصفحات الفكر الديني وكل هذه الدعاية الدينية وبرامج الدعوة والنصح والإرشاد من رجال دين ومريديهم من هواه الدعوة المجانية أو المدفوعة الأجر، من اثر اللهم إلا تأجيج المشاعر ضد الأضعف من أهل الأوطان كالنساء بأنهم لولا الحجاب لفسدت الأرض. فزايدت الفقيرات عقلا والأفقر ثقافة بتقليد أو باستيراد أزياء تنتمي إلي مراحل بدائية في تاريخ التطور المجتمعي حيث اعتبرت المرأة كلها مصدرا للفتنه، فلا يري منها الرجل صاحب الفتوى سوي هذا الأمر دون باقي قدراتها الأكثر رقيا في سلم التطور الإنساني. فرجال الدين ومشايخ الإسلام ومن خلال تركيزهم علي أمور الحس الجسدي يعطون نموذجا غرائزي لا يري سوي المتعة الحسية دون البعد الإنساني في المرأة كما لو أن الهوس الجنسي فقط هو ما يشغل العقل العربي والإسلامي. فكما قال سيجموند فرويد، الذي يرتجف منه علماء الدين الإسلامي " ما يمكن للعقل التفكر فيه هو فقط ما يمكنه فقط الحديث عنه". وتظل مطالبه واشباعاته منها مكبوتة لعدم تحققها فلا تظهر إلا كسلوكيات عدوانية لا تفسير لها. لهذا فحديث أهل العلم ومن ينبغي علينا سؤالهم في أمور الدين لا يصدر منهم إلا خطاب جنسي يتماهي في الأخلاق الكريمة لكنه يمارس عدوانا لا يعرف هو كيف يفسره فيقع تحت طائلة القانون.
ويبدو الرجال من أصحاب تلك الدعاوى عن النقاب بعد أن أوهموا المرأة، الأضعف في المجتمع، بالحجاب أن إدارة المجتمع تبدأ من التحكم بها وبزيها. لكن حقيقة ما يجري حولنا في المشرق العربي أن التوقف عند تلك الحجة أوقفت أيضا أي قدرة ذهنية للتفكر في أمور أكثر فائدة لناس والمجتمع. فتلك المجتمعات الخليجية الوهابية لا نشاط لها سوي مراقبة المرأة تلصصا عليها والتفتيش علي مدي التزامهم بالطقوس الإسلامية. ساعين وراء أي لحم مكشوف لإثبات تدينهم وتقواهم. متناسين أن الدين هو علاقة خاصة بين الفرد وربه لها خصوصية لا يجوز الاعتداء عليها ولها حرمة لا يجوز التفتيش فيها. وهو ذات السبب الذي جعل من أوروبا والغرب وكل بلاد العالم خارج جزيرة العرب تنعم بالحرية الدينية والفردية مناط الابتكار والإبداع والقوة. بهذا يصبح رجال الدين عندنا كأعداء لنا ومصدرا لضعفنا مستقبلا بحرصهم علي قيادة المجتمع عكس ما يفرضه التاريخ من إمكانية التقدم.
لكن يبدوا أن العقل الإسلامي البسيط لدي الفئة الجديدة من الدعاة الذين مللنا من كلامهم طوال العشرين عاما الماضية قامت بعمل رابطة شرطية- لاواعيه - بين ثروة النفط وبين التدين علي النمط البدوي القبلي بكل ما يحمله من عادات وأنماط في الزى والسلوك. تلك الرابطة أوحتها لهم الحركة الوهابية بخداع فكري وتضليل نظري لا مثيل. فلان النفط وثروته الريعية السهلة لم تظهر إلا في بلاد ذلك الزى، فإننا لو تدينا ومارسنا تلك السلوكيات في الأزياء وأصبحنا اعداءا للبشر وللحريات ولباقي الأديان فربما يتفجر النفط في أراضينا أيضا. ولان العقل المتلقي الأكثر بساطه وسطحية غير قادر علي التساؤل الصعب فانه لم يسال لماذا العالم حولنا ثري بلا ضعف وقوي أحيانا بلا ثروة؟
فالهند والصين أقوياء بلا إسلام أو نفط واليابان قوية بدون ثروات علي الإطلاق سوي الماء المالح من حولها فتحتاج لكل قطرة نفط لإدارة أمور حياتها. نتائج الأسئلة أو توابع الإجابات الصحيحة ستقلق الكثيرين خاصة أعضاء مجلس الشعب المصري الذي أثار مسالة هامشية لا قيمة لها في قضية الحجاب. وطالب بالاستقالة لمسئولين لهم رأي، لأنهم بشر، فيما يجري من حوله. فالسؤال المفترض توجيه إلي المسئولين هو لماذا تركنا الأمور تصل إلي حد أن تصبح شوارعنا تمتلئ بأشباح متحركة يفترض أنها امرأة، غاية في الجمال ومثيرة للشهوات ولن يستطع احد معها صبرا، فاختفت بين طيات ذلك الزى الشامل الخفاء. رغم علمنا بالقطع أن الجمال في مصر أصبح نادرا ولم تعد النساء في وضع أفضل مما كانت عليه في كل النواحي منذ حوالي أربعين عاما. ولماذا الرجل المسلم التقي يخاطر بأنه لو شاهد منها بأكثر من وجهها أو كفيها فلن يستطع معها صبرا؟
نتائج المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية تقول أن صيحات الموضة ووسائل التجميل هي وبشكل عام ضمن اهتمامات الطبقات الأقدر اقتصاديا وان الحجاب أو النقاب ليس سوي حل لمشكلة الفقر. ومع ذلك فان انتشاره بينهن لم يرفع مستوي الأداء الاجتماعي والمهني أو الإنتاجي ولم يثبت انه مصدرا للتدين أو ناتجا له. فإحصاءات الجريمة التي ترتكبها النساء والسجينات فان معظمهن إن لم يكن الكل ممن يرتدين الحجاب. ومع ذلك وبشكل مبتسر يتم ضم كل من تلبس الحجاب إلي فرق الإسلام المسيس كالإخوان واعتبارهن منضمات للتنظيم تلقائيا.
فانتشاره بين الطبقات الثرية أو بين الفنانات مرده أن كثيرات منهن مفتقدات لمعني الثروة وكيفية استخدامها و الفن وأهدافه. فكثيرات منهن يمكن أن يطلق عليهم ممثلات وليس فنانات. فالفنان شئ والممثل شئ آخر. لهذا تردي الأداء الفني وتراجع المسرح والسينما وتدهورت الفنون عامة إضافة لأسباب أخري سياسية ورقابية وسلوكية. فلم يجد مجال الفن سوي ممثلات يستنكرن ما فعلوه يوما بعد إرهاب ديني من بعض المشايخ أو إغراءات نفطية من الخارج. لهذا يعود البعض للنشاط الفني لو أن الابتزاز انتهت عدواه علي الضحية وعمل في اتجاه مضاد لإعادة دورته في زمن ارتفعت فيه أثمان شحنات التقوى وسعر نولون الورع باطراد مع سعر النفط مما ساعد كثيري الذنوب ومرتكبي المعاصي لإعادة دورات الابتذال والابتزاز استعدادا لتوبة نصوحة جديدة.
فالفنان نموذج شانه شان القيادة سياسيا أو فكريا أو اجتماعيا. فالانهيار هنا لا يكون إلا متزامنا بانهيار هناك. فنواب الشعب هم نماذج، اختيارية بناء علي دعايتهم وقت الترشح والانتخاب، ولا مجال لاختبارها إلا في واقع الممارسة. فلم يقاوم أكثريتهم الفساد بمثل الإجماع في قضية الحجاب. لهذا يمكن أن نطلق عليهم ممثلين وليسوا نوابا. هنا نستدعي مقولة فرويد ثانية، فلو أن الفساد يقع في دائرة ما يفكروا فيه لتحدثوا عنه. لكنهم عند الحديث، عن لحم النساء وكشف العورات والحجاب قاموا قومة رجل واحد بالكلام وتمثيل ادوار التقوى والورع. وباتوا لا يعرفون عن تاريخ بلدهم وعراقتها سوي الذعر المصاحب للشرف عند الحديث عن المرأة التي تذكرهم بالمكبوت العربي الأول، فقاموا بعدوانهم علي وزير الثقافة. فهل هناك مكبوت في ممارستهم السياسية تحت القبة أيضا جعلهم لا ينطقون بما هو سياسي؟ أم انه الخوف من رؤية الجمال بكل تنويعاته لأنهم لا يملكون القدرة والضبط الإنساني الداخلي علي مقاومته كسلطة قاهرة تحملها النساء بجمالهن.