mercredi 25 avril 2007

من أجل دين يرفض الوصاية على العقل


الدعوة الى الدفاع عن شريحة من المسلمين تحاول أن تعيد النظر أو تفلتر أو حتى تقطع علاقتها بتاريخ الدين، هي دعوة مشروعة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى. فهذه الشريحة ـ كما قلنا سابقا ـ لا تسعى في الواقع الى قطع علاقتها بالله أو بالوحي، ولا بعقائدها الايمانية والمعنوية، وانما تريد أن تضع حدا لعلاقتها التقليدية المادية والمصلحية بالتاريخ الديني، وتسعى لانتشال الإيمان من مستنقع الصراع المادي من أجل الحفاظ على الانسان والمجتمع ورفع وصاية رجال الدين عنهما، فهي ـ كما ذكرنا ـ ترفض قبول التبعية المقدسة للتاريخ، وتعارض الخضوع للماضي الاجتماعي الديني الساعي الى أن يصبح أساسا لحياتها في الحاضر، وتأبى منهج التقليد، تقليد الامام والفقيه غير المنتمي للواقع الراهن ولأسس الحياة الجديدة. وحسب تلك الشريحة فان بناء علاقة ايمانية ومعنوية متميزة في المجتمع يحتاج الى نشر فهم للدين تصب مخرجاته في هذا الاطار، فهم يخدم الجانب القيمي والمعنوي والأخلاقي للانسان والخوض في المسائل الروحية المعنوية بعيدا عن تداخلها بالمسائل السياسية والاجتماعية والمصلحية، والذي من شأنه ألا يهدد الايمان الفطري بأي شائبة مادية تعرقل مسيره، كما سيحرر العقل من وصاية الخطاب الديني التقليدي التاريخي.
فحينما نقسم أمور الدين الى ذاتية والى عرضية، فان الهدف من ذلك هو الوصول الى فهم ديني يخدم الجانب القيمي والمعنوي والأخلاقي للانسان، أي الخوض في المسائل الروحية والمعنوية بعيدا عن تداخلها بقضايا العقل أو قضايا الحياة العامة، وهو ما سيؤدي الى درء التناقضات المتعلقة بالفهم الديني. كيف ذلك؟
ان مسائل الدين الذاتية هي الأمور التي يدعو اليها الأنبياء أينما بعثوا وفي أي مجتمع كانوا وفي أي مرحلة من مراحل التاريخ تواجدوا، فهي أمور لا تتعلق بالوقت ولا بالزمان والمكان. بينما أمور الدين العرضية فهي التي تتوافق فيها الدعوة والنشر مع ظروف المجتمع وظروف الزمان والمكان والتاريخ والثقافة. فاللغة العربية، بوصفها لغة القرآن الكريم والدعوة الاسلامية، كانت لغة المجتمع الذي جاءت فيه الدعوة، لذلك تعتبر من الأمور العرضية في الدين، وبما أن رسول الاسلام عربي والمجتمع الذي كان فيه عربي فان لغة القرآن بطبيعة الحال أصبحت أيضا عربية.
ففصل الذاتي عن العرضي هو من الضرورات التي تؤسس لعلاقة ايمانية فطرية مع الله لا علاقة مادية مصلحية تستند الى التاريخ الديني. فعلى سبيل المثال نجد في التاريخ الاسلامي العديد من الخلافات والنزاعات بين المسلمين، وقد ارتبطت غالبيتها العظمى بقضايا الدين العرضية حيث كانت بعيدة عن ذات الدين وجوهره. أي أن تلك النزاعات كان يمكن لها ألا تقع، وسواء وقعت أو لم تقع فانها لم ترتبط بذات الدين. لذلك نجد أن المبالغة في تسليط الضوء على تلك الخلافات كانت سببا في تنازع المسلمين وبروز هوة شاسعة بين غالبيتهم العظمى وبين ذات الدين. وبعبارة أخرى، أدت القضايا العرضية الى بروز خلافات عديدة بين المسلمين ما زالت ظواهرها ملموسة في عالم اليوم، في حين كان من المفروض ألا تؤثر هذه الخلافات على قربهم من ذات الدين وعلى ايمانهم الفطري غير المصلحي، وكان لزاما أن تقوم المعرفة الدينية على أسس واضحة ترفض خلط الذاتي بالعرضي.
ان المبدأ الذي يجب أن يسود في اطار أمور الدين الذاتية والعرضية هو أن يكون مستندا الى التالي: اعادة تفسير التاريخ الاسلامي من أجل فصل جوهر وذات الدين عن موضوعاته وعرضياته المتأثرة بالظروف السياسية والاجتماعية والثقافية، والتي أثرت بدورها على الجانب الروحي والقيمي والأخلاقي للرسالة الدينية. فمن المفترض أن تكون لعملية نشر الدين نكهة خاصة مرتبطة بمجتمع خاص له تاريخ وثقافة خاصة. ولو كان رسول الاسلام قد ظهر في بقعة جغرافية أخرى غير مجتمع قريش العربي فان لغة وخطاب وطريقة نشر الدين كانت ستتفاوت وتتغير.
النتيجة اذن أنه بفصل الذاتي عن العرضي ستتحرر المسائل المرتبطة بالذات من سلطة الموضوعات العرضية، وهو الأمر الذي من شأنه أن يؤدي الى سلاسة أكبر في حل الخلافات بين المسلمين أو بينهم وبين غيرهم، لأنها خلافات لا تتعلق بذات الدين وانما ترتبط بقضايا الدين العرضية أو بقضايا الحياة، كما أن وجودها أو انحسارها يجب ألا يؤثر على جوهر الدين. فالخلافات السنية الشيعية الراهنة عبارة عن قضايا ترتبط بأمور الدين العرضية، ومسببات القتل الارهابي باسم الدين لا تتعلق بذات الدين، والصراعات السياسية العربية والاسلامية مع مختلف الأطراف الدولية ومن ضمنها القضية الفلسطينية تنتمي الى ظروف تاريخية لا دخل لذات الدين فيها. لكن المدرسة الدينية التقليدية والاسلام السياسي استغلا عرضيات الدين لبسط نفوذهم، ليس صونا لذات الدين بل سعيا للوصاية على الشعوب باسم الدين وفق القوانين التاريخية التي لا علاقة لها بواقعنا الراهن.
وفي هذا الصدد، يشير المفكر الايراني الدكتور عبد الكريم سروش في كتابه «القبض والبسط في الشريعة» إلى أن «لبوس الثقافة القومية من لغة وأذواق وأساليب حياة ونقاط ضعف وقوة عقلية وخيالية وعادات وتقاليد ومألوفات ومسلمات فكرية وخزين لغوي ومفاهيمي يضيف على جسد العقيدة والفكر ويخلع عليه نواقصه وكمالاته لا محالة». ثم يطرح سروش تساؤلا في هذا الاطار وهو: هل تبقى عرضيات الاسلام هي نفسها لو نزل القرآن بلغة أخرى؟ ويجيب: «لا جدال في أن الاسلام لو نزل في اليونان أو الهند أو بلاد الروم بدل الحجاز لكانت عرضيات الاسلام اليوناني والهندي المتغلغلة الى أعماق طبقات النواة المركزية تختلف اختلافا كبيرا عن الاسلام العربي، ولوفرت الفلسفة اليونانية المتينة على سبيل المثال أدوات لغوية ومناهجية، ومنظومة مفرداتية خاصة لنبي الاسلام تغير معالم خطابه، كما أن الاسلام الايراني والهندي والعربي والأندونيسي اليوم، وبعد قرون من التحولات والتفاعلات، تمثل أنماطا من الاسلام تختلف عن بعضها بشهادة أدبياتها ونتاجاتها، ولا تقف التباينات عند تخوم اللغة والظواهر بل تمتد الى أعماق الوعي والثقافة الدينية». اذا، العرضيات في الدين تعكس الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تحضر مع حضور الدين في المجتمع لتضفي عليه نكهة خاصة، غير أن هذه النكهة يجب أن تعين موضوع الايمان لا أن تشوهه، وأن تساهم في وقف الخلافات بين المسلمين، وبينهم وبين غيرهم، والمستندة الى تاريخ الدين، وأن تؤسس لدين يرفض قتل الواقع واجهاض التطور، دين في الضد من الوصاية التاريخية على العقل ومواكب للحداثة.

lundi 23 avril 2007

Blowin' In The Wind



Blowin' In The Wind

How many roads must a man walk down

Before you call him a man?

Yes, 'n' how many seas must a white dove sail

Before she sleeps in the sand?

Yes, 'n' how many times must the cannon balls fly

Before they're forever banned?

The answer, my friend, is blowin' in the wind,

The answer is blowin' in the wind.


How many years can a mountain exist

Before it's washed to the sea?

Yes, 'n' how many years can some people exis

tBefore they're allowed to be free?

Yes, 'n' how many times can a man turn his head,

Pretending he just doesn't see?

The answer, my friend, is blowin' in the wind,

The answer is blowin' in the wind.


How many times must a man look up

Before he can see the sky?

Yes, 'n' how many ears must one man have

Before he can hear people cry?

Yes, 'n' how many deaths will it take till he knows

That too many people have died?

The answer, my friend, is blowin' in the wind,

The answer is blowin' in the wind.

et pour les purs francophones ...la traduction

Soufflée dans le vent

Combien de routes un homme doit-il parcourir

Avant que vous ne l'appeliez un homme?

Oui, et combien de mers la blanche colombe doit-elle traverser

Avant de s'endormir sur le sable?

Oui, et combien de fois doivent tonner les canons

Avant d'être interdits pour toujours?

La réponse, mon ami, est soufflée dans le vent,

La réponse est soufflée dans le vent.


Combien d'années une montagne peut-elle exister

Avant d'être engloutie par la mer?

Oui, et combien d'années doivent exister certains peuples

Avant qu'il leur soit permis d'être libres?

Oui, et combien de fois un homme peut-il tourner la tête

En prétendant qu'il ne voit rien?

La réponse, mon ami, est soufflée dans le vent,

La réponse est soufflée dans le vent.


Combien de fois un homme doit-il regarder en l'air

Avant de voir le ciel?

Oui, et combien d'oreilles doit avoir un seul homme

Avant de pouvoir entendre pleurer les gens?

Oui, et combien faut-il de morts pour qu'il comprenne

Que beaucoup trop de gens sont morts?

La réponse, mon ami, est soufflée dans le vent,

La réponse est soufflée dans le vent.

mardi 10 avril 2007

تاريخ الدين بين تقديسه ومقاطعته

من القضايا التي دأب الخطاب الديني الفقهي على إثارتها فيما يتعلق بأمور العقيدة والإيمان، وهوّل من مخاطر الخروج على فهمه لهما، وصفه لكل من ينتقد الثقافة الدينية التاريخية والعادات والتقاليد النابعة عنها، أي تاريخ الدين وسننه السياسية والاقتصادية الاجتماعية، بأنه خارج عن الدين. فحسب المدرسة الفقهية التقليدية، فإن الإنسان المتدين المعتقِد بالدين الإسلامي، يجب ألا يقطع علاقته بتاريخ الدين.

والسؤال الذي يطرح هنا هو: ما هو الوصف الذي يمكن أن يُطلق على إنسان يؤمن بالله وبعقائد الدين الإسلامي، لكنه يريد أن "يفلتر" أو يقطع علاقته بتاريخ الدين؟ وهل الذي يقطع أو يفلتر تلك العلاقة يمكن وفق فهم أهل السنة أن نطلق عليه بأنه سني المذهب؟ أو وفق فهم الشيعة أن نطلق عليه بأنه شيعي المذهب؟

فمن يقطع أو يفلتر علاقته بتاريخ الدين، هو في الواقع لم يقطع علاقته بالله ولا بالوحي ولا بنبي الإسلام ولا بعقائده الإيمانية الغيبية، وإنما وضع حدا لعلاقته التقليدية بالتاريخ الديني القائمة على التبعية والتقليد والخضوع لكل ما يتناقض مع واقع الحياة وتطورها وتغيّرها، لإحساسه بأن تلك العلاقة لا تتماشى مع حياته الجديدة حياة الحداثة، ولقناعته بأن هناك تعارضا وتضادا بين الإثنين، وهذا التعارض من شأنه أن يؤثر في عقيدته، وقد يمثل عائقا في طريق إيمانه، ورفعه يسهلهما ويجعل حياته أكثر سلاسة، ويبعدها عن أي تصادم تشكله تناقضات تركيب الماضي الديني التاريخي على الحاضر الحديث.

لكن المعضلة في هذا الطلاق أو الفلترة بين ما هو عقيدة وإيمان وبين تاريخ الدين، هوالسؤال التالي: ضمن أي دين ومذهب ديني سوف يصنّف صاحبه؟ فالمشكلة لا تكمن في طلاق هذا التاريخ وإيجاد رؤى وآليات عقلانية حديثة تساعد وتعين أمر الإيمان ولا تتعارض مع العقيدة، بل تكمن في المواجهة المتوقعة مع المدرسة الدينية الفقهية التقليدية وخطابها الوصائي الإقصائي الاستبدادي. فتلك المدرسة، بسلطاتها القوية والمتعددة، سوف تعمل على إلغاء حامل هذا النوع من العقيدة والإيمان وهذا الطرح من الرؤى الدينية، وتجهد لإخراجه من الدين، وتتهمه بجملة من التهم، يأتي على رأسها الارتداد، بعدما نصبّت نفسها سلطة سماوية على الأرض. ثم بعد ذلك تدّعي وتزعم وتصرخ بأعلى صوتها بأن تفسيرها الديني يحمل مقوّمات التسامح واحترام حقوق الإنسان!!! وهذا ما فعله تسامحها مع المفكر المصري نصر حامد أبو زيد حينما أقصته من الساحة المصرية، ومع المفكر الإيراني هاشم آغاجري حينما حكمت عليه بالإعدام دون أن تستطيع تنفيذ الحكم، ومع العديد من الشخصيات والمجموعات الدينية الجديدة التي تبنت رؤى دينية ترفض تقديس التاريخ الديني وتقف ضد هيمنة الفقه والفقيه على مجريات الحياة والعقيدة والإيمان.

فالإنسان الذي يعيش وسط عالم الحداثة، الإنسان الذي يرفض بنيان الحياة القديمة المستندة إلى أطر الثقافة الدينية التقليدية الغيبية القائمة على مبدأ ما هو "مقدّر" و"مقسوم" بعد أن كان "التقدير" الإلهي و"النصيب" الديني يسيطران بصورة رئيسية على التفكير ويبنيان ثقافة الخرافة والخضوع وسلطة الطاعة والتبعية، الإنسان الذي يعيش وسط حياة قائمة على "اختيار" الأطر التي لابد أن يعيش تحت ظلها ولا مجال لـ"إجبار" أي شخص على الخضوع أو الركوع لإطار فكري معين سواء كان دينيا تقديريا غيبيا أو كان غير ذلك، هل يستطيع هذا الإنسان أن يطلق صيحة عالية يقول فيها بأنه مسلم لكنه لا ينتمي، بل لا يمكن أن ينتمي، للمدرسة الدينية الفقهية التاريخية ولا لسلطاتها، دون أن تخرجه تلك المدرسة من الدين، ودون أن تزعزع كيانه الاجتماعي؟ إن الإجابة هي "لا" بالمطلق.

ففي كل مجال من مجالات الحياة وفي كل شأن من شؤون الإنسان، انفتح باب الاختيار على مصراعيه وتعددت مسمياته، وذلك بسبب تنوع طرق التفكّر وسقوط السلطات المانعة للتفكير والمناهضة للاختيار. وهذا الأمر لم يكن لينشأ لولا سقوط امبراطورية "التقدير" الدينية المهيمنة على الحياة، والتي كانت تستند في تفكيرها وحل الأمور والقضايا والمشكلات إلى رجل الدين الفقيه صاحب التفسير المستند إلى الغيبيات الدينية التي ترفض بروز منهج الاختيار، لأنه لا يرضى إلا بوجود نفسه ومنهجه، حيث مناهج التفكير الأخرى مجرد "خزعبلات" تتحدى سلطته الدينية، وحيث لايرضى للإنسان إلا أن يتبعه ويقلده ويأتمر بسلطته وبأوامره.

ففي الماضي كانت مسؤولية الإنسان التبعية للسلطات التي كانت تتحكم في الحياة، ومنها سلطة رجل الدين، وهو أمر لا يزال مستمرا في العالمين العربي والإسلامي. أما في وقتنا الراهن فإن الاختيار هو الذي طغى على الحياة، وهو لا يمكن أن يتعايش مع سلطة الطاعة والتبعية التي فرضها الفقه والفقيه، بل هو في الضد لهما ومتناقض معهما.

إن الإنسان المتديّن المنتمي للمدرسة الدينية الفقهية التقليدية، لا يمكنه أن يقبل الحداثة بالمطلق، كما لا يمكنه أن يرفضها بالمطلق. فلايمكن أن يرفضها بالمطلق لأنه يعيش وسط الحياة الحديثة ويتفاعل معها ومع منجزاتها، وإذا قرر أن يرفضها بالمطلق فكأنه قد قرر أن يرفض نفسه ووجوده. كما لايمكن أن يقبل الحداثة بالمطلق، لأن ذلك يتعارض مع أسس مدرسته الدينية الفقهية التاريخية وبنيانها القائم على تقديس الطاعة والتبعية للسلطة الدينية وللتاريخ الديني وللفكر التقديري، وهي أسس رفضتها الحداثة واستبدلتها بمبدأ اختيار أسس الحياة، وهو المبدأ الذي يقف في الضد من التبعية والخرافة والخضوع.

فالإنسان الذي لا تختلف رؤيته للقرآن الكريم، ككتاب حياة وفكر واجتماع، عن رؤيته لأي كتاب فكري آخر سواء كان هذا الكتاب لإفلاطون أو لشكسبير أو لفولتير، وهو المبدأ الخاضع لأسس الاختيار، هل تستطيع المدرسة الدينية الفقهية التقليدية التاريخية بخطابها الغيبي السلطوي الإلغائي أن تطلق عليه وصف "مسلم"؟ إن ذلك لايمكن أن يتحقق من دون أن تغيّر هذه المدرسة أسسها الفكرية التاريخية وخطابها القائم
على الطاعة والتبعية.